سورة الأنعام - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


قوله عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُواً} أي جعلنا للأنبياء أعداء كما جعلنا لغيرهم من الناس أعداء.
وفي {جَعَلْنَا} وجهان:
أحدهما: معناه حكمنا بأنهم أعداء.
والثاني: معناه تركناهم على العداوة، فلم نمنعهم منها.
وفي {شَيَاطِينَ الإْنسِ وَالْجِنِّ} ثلاثة أقاويل:
أحدها: يعني شياطين الإنس الذين مع الإنس، وشياطين الجن الذين مع الجن، قاله عكرمة، والسدي.
والثاني: شياطين الإنس كفارهم، وشياطين الجن كفارهم، قاله مجاهد.
والثالث: أن شياطين الإنس والجن مردتهم، قاله الحسن، وقتادة.
{يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ} في يوحي ثلاثة أوجه:
أحدها: يعني يوسوس بعضهم بعضاً.
والثاني: يشير بعضهم إلى بعض، فعبر عن الإشارة بالوحي كقوله: {فَأَوْحَى إِلَيهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً} [مريم: 11] و{زُخْرُفَ الْقَوْلِ} ما زينوه لهم من الشبه في الكفر وارتكاب المعاصي.
والثالث: يأمر بعضهم بعضاً كقوله: {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا} [فصلت: 12] أي أمر.
ثم قال: {وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} يحتمل وجهين:
أحدهما: ما فعلوه من الكفر.
والثاني: ما فعلوا من زخرف القول.
وفي تركهم على ذلك قولان:
أحدهما: ابتلاء لهم وتمييزاً للمؤمنين منهم.
والثاني: لا يلجئهم إلى الإيمان فيزول التكليف.
قوله عز وجل: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالأَخِرَةِ} أي تميل إليه قلوبهم، والإصغاء: الميل، قال الشاعر:
ترى السفيه به عن كل محكمة *** زيغ وفيه إلى التشبيه إصغاء
وتقدير الكلام، يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ليغروهم ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة، وقال قوم: بل هي لام أمر ومعناها الخبر.
{وَلِيَرْضَوْهُ} لأن من مَالَ قلبه إلى شيء رضيه وإن لم يكن مرضياً.
{وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُمْ مُّقْتَرِفُونَ} فيه وجهان:
أحدهما: وليكتسبوا من الشرك والمعاصي ما هم مكتسبون، قاله جويبر.
والثاني: وليكذبوا على الله ورسوله ما هم كاذبون، وهو محتمل.


قوله عز وجل: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً} فيه وجهان:
أحدهما: معناه هل يجوز لأحد أن يعدل عن حكم الله حتى أعدل عنه.
والثاني: هل يجوز لأحد أن يحكم مع الله حتى أحتكم إليه.
والفرق بين الحَكَم والحَاكِم، أن الحَكَمَ هو الذي يكون أهلاً للحُكْم فلا يَحْكُمُ إلا بحق، والحَاكِمُ قد يكون من غير أهله فَيَحْكُمُ بغير حق، فصار الحَكَم من صفات ذاته، والحَاكِم من صفات فعله، فكان الحَكَم أبلغ في المدح من الحَاكِم.
ثم قال: {وُهُوَ الَّذِيِّ أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً} في المفصَّل أربعة تأويلات:
أحدها: تفصيل آياته لتبيان معانيه فلا تُشْكِل.
والثاني: تفصيل الصادق من الكاذب.
والثالث: تفصيل الحق من الباطل، والهدى من الضلال، قاله الحسن.
والرابع: تفصيل الأمر من النهي، والمستحب من المحظور، والحلال من الحرام.
وسبب نزول هذه الآية أن مشركي قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل بيننا وبينك حَكَماً إن شئت من أحبار اليهود وإن شئت من أحبار النصارى، ليخبرنا عنك بما في كتابهم من أمرك، فنزلت عليه هذه الآية.
قوله عز وجل: {وَتَمَّتَ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} يعني القرآن، وفي تمامه أربعة أوجه محتملة:
أحدها: تمام حُجَجِهِ ودلائله.
والثاني: تمام أحكامه وأوامره.
والثالث: تمام إنذاره بالوعد والوعيد.
والرابع: تمام كلامه واستكمال صوره.
وفي قوله: {صِدْقاً وَعَدْلاً} وجهان:
أحدهما: صدقاً في وعده ووعهده، وعدلاً في أمره ونهيه، قاله ابن بحر.
والثاني: صدقاً فيما حكاه، عدلاً فيما قضاه، وهو معنى قول قتادة.
وقد مضى تفسير {لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}.


قوله عز وجل: {وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإْثْمِ وَبَاطِنهُ} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: سره وعلانيته، قاله مجاهد، وقتادة.
والثاني: ظاهر الإثم: ما حرم من نكاح ذوات المحارم بقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ} الآية. وباطنه الزِّنى، قاله سعيد بن جبير.
والثالث: أن ظاهر الإثم أُوْلاَت الرايات من الزواني، والباطن ذوات الأخدان، لأنهن كُنَّ يستحللنه سراً، قاله السدي، والضحاك.
والرابع: أن ظاهر الإثم العِرية التي كانو يعملون بها حين يطوفون بالبيت عراة، وباطنه الزِّنى، قاله ابن زيد.
ويحتمل خامساً: أن ظاهر الإثم ما يفعله بالجوارح، وباطنه ما يعتقده بالقلب.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14